معلومات عن حياة الشاعر بدر شاكر السياب وتحليل قصيدة تموز جيكور

ولِد بدر شاكر بدر شاكر السياب في قرية جيكور في مدينة البصرة العراقية عام 1926م وهي ارض مليئة باشجار النخيل ونسائم البساتين والانهار العذبة وكل هذا الهدوء والجو الشاعري كان له دور كبير في بناء الشاعرية الكبيرة التي كان السياب يمتلكها في حياته هناك في جنوب البصرة في قرية جيكور فقد السياب والدته وهو ابن ست سنوات فكان لهذا الحدث الحزين اثرٌ في حياة الشاعر وقد تلقى السياب تعليمه في مدرسة "باب سليمان" ودرس في مدرسة "المحمودية" وانتقل الى العاصمة العراقية بغداد ليلتحق بدار المعلمين العالية ودرس اللغة العربية ودرس الادب العربي مدة سنتين قبل ان ينتقل لدراسة اللغة الانكليزية عام 1945م وتخرج من الجامعة عام 1948م





بدا ميوله السياسي يظهر حيث عرف بمعارضته للاحتلال الانكليزي وقد عمل في التعليم -تعليم اللغة الانكليزية- قبل ان يفصل بسبب افكاره وميوله السياسية اليسارية ودخل السجن وعندما خرج من السجن تنقل بين بغداد والبصرة وفي عام 1952م سافر الى ايران ومنها الى الكويت وعاد الى بغداد عام 1954م وعمل في الصحافة وقد ظهر في حياة السياب ان طبيعته الريفية تجعل العيش في المدينة امرا صعبا بالنسبة اليه







وقد قال الناقد الفلسطيني احسان عباس عنه: "اما السياب فانه لم يستطع ان ينسجم مع بغداد؛ لانها عجزت ان تمحو صورة جيكور او تطمسها في نفسه لاسباب متعددة فالصراع بين جيكور وبغداد جعل الصدمة مزمنة حتى حين رجع السياب الى جيكور ووجدها قد تغيرت لم يستطع ان يحب بغداد او ان يانس الى بيئتها وظل يحلم ان جيكور لا بد ان تبعث من خلال ذاته" وتظهر هذه العلاقة الحميمة بينه وبين قريته وبيئتها الريفية في قصيدته تموز جيكور التي سيتم الحديث عنها لاحقا وقد توفِّي السياب في ريعان شبابه عام 1964م بعد صراع سنتين مع المرض ودفن في جيكور مدينته في البصرة [٢]









تحليل قصيدة تموز جيكور
تعدُّ قصيدة جيكور تموز واحدة من القصائد التي عبر بها السياب عن انتمائه لقريته الريفية بجوها الشاعري الجميل وهي قصيدة من قصائد التفعيلة الحديثة فن التفعيلة الذي كان السياب احد ابرز مؤسسيه ويقول السياب في قصيدته جيكور تموز: [٣]


ناب الخنزيرِ يشق يديْ

ويغوص لظاه الى كبِدِي

ودمِي يتدفق ينساب

لم يغد شقائق او قمحا

لكنْ ملحا

عشتار وتخفق اثواب

وترف حيالي اعشاب

من نعلٍ يخفق كالبرقِ

كالبرقِ الخلبِ ينساب

لو يومض في عرقِي

نور فيضيء لي الدنيا

لو انهض لو احيا

لو اسقى آه لو اسقي

لو ان عروقي اعناب

وتقبل ثغري عشتار

فكان على فمها ظلمةْ

تنثال علي وتنطبق

فيموت بعيني الالق

انا والعتمةْ

يتخيل الشاعر بدر شاكر السياب في هذا المقطع ان الخنزير البري الذي قتل تموز نال منه ايضا فسال دمه فانبت دمه ملحا ولم ينبتْ شقائق كما ورد في اسطورة تموز ثم يتوجه السياب بخطابِهِ الى عشتار متمنيا لو انها تقبِّله ولو كانت قبلتها مجرد ظلمة تغشاه وتنطبق عليه فيموت بعينيه ضوء الحياة والنور









جيكور ستولد جيكور

النور سيورِق والنور

جيكور ستولد من جرحِي

من غصةِ موتِي منْ ناري

سيفيض البيدر بالقمحِ

والجرن سيضحك للصبحِ

والقرية دارا عن دارِ

تتماوج انغاما حلوةْ

والشيخ ينام على الربوة

والنخل يوسْوس اسرارِي

جيكور ستولد لكنِّي

لنْ اخرج فيها منْ سِجْنِي

في ليلِ الطِّينِ الممدودِ

لن ينبض قلبي كاللحنِ

فِي الاوتار

لنْ يخفق فيه سوى الدودِ

يؤكِّد السياب في هذا المقطع ان جيكور قريته الريفية ستولد وتخرج من جرحه ومن غصة موتِهِ وستملا الارض قمحا وتورق الاشجار ويعم الفرح قلوب الناس اجمعين ويصف ويفصل في مشاهد الرح التي ستكون عند ولادة جيكور ولكنه يؤكد انه الوحيد الذي سيبقى في حزنِهِ حزينا مسجونا يعج قلبه الدود ويخفق به فقط









هيهات اتولد جيكور

الا من خضة ميلادي؟

هيهات اينبثق النور

ودمائِي تظلم في الوادي

ايسقسق فيها عصفور

ولسانِي كومة اعواد؟

والحقل متى يلد القمْحا

والورد وجرحِي مغفور

وعظامِي ناضحةٌ ملحا

لا شيء سوى العدمِ العدمِ

والموت هو الموت الباقي

يا ليل اظل مسيل دمي

ولتغد ترابا اعراقِي

هيهات اتولد جيكور

من حقدِ الخنزير المتدثر بالليل

والقبلة برعمة القتل

والغيمة رمل منثور

يا جيكور

يتراجع السياب عن حلمِهِ في هذا المقطع حلمه بولادة جيكور من جديد كما ارادها هو تماما فيبدا بالاستفهام وطرح الاسئلة عن كيفية ولادة هذه القرية من جديد ويضع عوائق خيالية في باله ليمنع ولادتها من جديد من هذا الجرح المفتوح في قلبِهِ فكيف لجيكور ان تولد من جديد في وقت تظلم فيه دماء الشاعر في الوادي وتنضح عظامه بالملح والاسى
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق