الحداد في الاسلام
الحداد في اللغة هو المنع وهو في اللغة ثياب الماتم والعزاء والحِداد هو ابراز شعور الحزن على فقدان الميت فيقال: لبست المراة الحداد على زوجها اي ارتدت ثياب الحزن امَا الحداد في الاسلام فهو ان تمتنع المراة عن وضع الزينة مدة زمنية معينة وتمتنع عن الخروج من بيتها مدة زمنية معينة حددها الشرع وقيل ايضا في تعريف الحداد في الاسلام هو تربُصٌ تمسك المراة فيه عن كلِ ما يزينها ويجعلها مرغوبة من الطيب والحلي والزينة وهذا يكون لمدة معينة ويكون في مكان مخصص واحوال مخصصة ايضا




حكم الحداد في الاسلام
اجمع اهل العلم على انَ حكم الحداد في الاسلام واجب ويكون طيلة فترة العِدة للزوجة المتوفى عنها زوجها وهنا تجب الاشارة الى انَ الحداد في الاسلام يقسم بحسب وضع المراة المتوفى عنها زوجها الى قسمين اثنين وهما:


المراة غير الحامل: قال ابن القيم: " واجمعتِ الامة على وجوبهِ على المتوفَى عنها زوجها الا ما حكي عن الحسن والحكم بن عتبة" وهذا يعني انَه وجب على المراة المتوفى عنها زوجها ان تحدَ اربعة اشهر وعشرة ايام ولا فرق في هذا الحكم اذا كانت الزوج قد دخل بالزوجة ام لم يدخل بها واستدلَ اصحاب هذا القول بقول الله تعالى في سورة البقرة: {والَذِين يتوفَوْن مِنكمْ ويذرون أزْواجا يتربَصْن بِأنفسِهِنَ أرْبعة أشْهر وعشْرا فإِذا بلغْن أجلهنَ فلا جناح عليْكمْ فِيما فعلْن فِي أنفسِهِنَ بِالـْمعْروفِ والله بِما تعْملون خبِيرٌ}[٣] وقد قال ابن المنذر: "واجمعوا انَ عدة الحرة المسلمة التي ليست بحامل من وفاة زوجها اربعة اشهر وعشرا مدخولا بها او غير مدخول صغيرة لم تبلغ او كبيرة قد بلغتْ"


المراة الحامل: امَا الحداد على المراة الحامل المتوفى عنها زوجها فهو واجب ايضا ومدته حتى تضع حملها فقط طالت مدة حملها ام قصرت قال تعالى في سورة الطلاق: {وأوْلات الأحْمالِ أجلهنَ أن يضعْن حمْلهنَ ومن يتَقِ الله يجْعل لَه مِنْ أمْرِهِ يسْرا}[٤] وقال ابن المنذر: "واجمعوا انَها لو كانت حاملا لا تعلم بوفاة زوجها او طلاقهِ فوضعتْ حملها ان عدتها منقضية" والله تعالى اعلم





حداد المراة على غير زوجها
بعد الحديث عن حكم الحداد في الاسلام جدير بالذكر انَه قد تحد المراة على غير زوجها وهذا مباح في الاسلام ولكن لثلاثة ايام فقط فقد روت ام حبيبة -رضي الله عنها- انَ رسول الله -صلَى الله عليه وسلَم- قال: "لا يحِلُ لِامْرأة تؤْمِن باللَهِ واليومِ الآخِرِ تحِدُ على ميِت فوْق ثلاث الَا على زوْج أرْبعة أشْهر وعشْرا" وبناء على هذا الحديث استدلَ اهل العلم على جواز جداد المراة على غير زوجها شريطة ان تكون مدة هذا الحداد ثلاثة ايام فقط قال الاذرعي: "والاشبه انَ المراد بغير الزوج القريب كما اشار اليه القاضي فلا يجوز للاجنبية الاحداد على اجنبي اصلا ولو بعض يوم ولم ار فيه نصًا" والله تعالى اعلم





الحكمة من تشريع الحداد في الاسلام
لقد شرَع الاسلام الحداد بحكمة بالغة تدور هذه الحكمة حول الوفاء للزوج وحفظ حقه على الزوجة فالعلاقة الزوجية علاقة عظيمة تستحق ان يبذل الطرفان كثيرا من الوفاء لهذه العلاقة العظيمة لذلك شرَع الاسلام الحداد وفاء لهذه العلاقة وهذه الآية الالهية العظيمة قال تعالى: {ومِنْ آياتِهِ أنْ خلق لكم مِنْ أنفسِكمْ أزْواجا لِتسْكنوا إِليْها وجعل بيْنكم مَودَة ورحْمة ۚ إِنَ فِي ذَٰلِك لآيات لِقوْم يتفكَرون} فليس من الوفاء ان تتزين المراة وتضع الحلي والطيب بعد وفاة زوجها مباشرة وكانت المراة في الجاهلية تحد عند وفاة زوجها عاما كاملا ولكن الاسلام خفف هذه المدة الى اربعة اشهر وثلاثة ايام وبناء على هذا يمكن اظهار الحكمة الالهية من تشريع الحداد في الاسلام من خلال الامور التالية:

اظهار حق الزوج وتعظيم العلاقة الزوجية التي ربطت المراة بزوجها لمدة طالت ام قصرت هذه المدة

اظهار اهمية عقد النكاح الذي ينقطع بوفاة الزوج لذلك كان لا بدَ على المراة ان تحترم هذه النعمة وتحد وفق ما قضى لها الشرع

والحكمة من الحداد ايضا هي اغلاق الطريق بين المراة ومن حولها من الرجال الراغبين بها حتَى تنتهي مدة الحدة وتصبح محللة للطلب في عقد نكاح على رجل آخر

وفي تشريع الحداد ايضا تهدئةٌ لنفوس اقارب الزوج المتوفى من خلال التزام المراة بفترة حدادها على زوجها ووقوفها الى جانب اهل زوجها ووقوف اهل زوجها بجانبها

وقد فرض الحداد في الاسلام لموافقة النفس البشرية التي تاسى وتحزن وتتالم على المصائب لذلك اباح الله تعالى لها الحدد حتَى يتسنى لها اظهار مشاعر الحزن والاسى والالم بالمصاب الذي نزل بها والله تعالى اعلم


تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق