تعرف على نافورة عين الفوارة في الجزائر وتاريخها

مدينة سطيف
مدينة سطيف من اهم مدن الشمال الشرقي الجزائري وهي منطقة عبور بين مدن ولايات الشرق والوسط الجزائري، تمتد على مساحة تصل الى 127,30 كم2، وتقع على بعد 300 كلم شرق الجزائر العاصمة، وكلمة سطيف هي كلمة رومانية الاصل "سيتيفيس" تعني التربة السوداء، تتمتع المدينة بطابع جغرافي متميز وتنوع طبيعي بين الجبال والهضاب والسهول الواسعة ومناخ متوسطي ماطر بارد في الشتاء وجاف حار في الصيف، تلعب المدينة دورا اقتصاديا وتجاريا هامًا حتى اصبحت تمثل العاصمة الاقتصادية للجزائر، شهدت مدينة سطيف احداثا تاريخية هامة منذ بدايات البشرية حتى الآن، فتعاقبت عليها الحضارات والثقافات القديمة وصولا لدورها الهام الذي لعبته في تحرير الجزائر من الاحتلال الفرنسي.

تضم المدينة الكثير من المواقع الاثرية الهامة المدرجة على قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو كصرح جميلة، والمعالم التاريخية التي تعود الى حضارات عديدة وثقافات متنوعة كالرومانية والنوميدية والعثمانية والاسلامية كآثار العهد الفاطمي في منطقة بني عزيز والمسجد العتيق والفرنسية كمحطة القطار والحديثة كالمركز التجاري بسطيف، الاكبر على مستوى الجزائر، كما تمتاز بوجود الحمامات الطبيعية الشهيرة بدرجة حرارة المياه المعدنية العالية كحمام قرقور وحمام السخنة وحمام الصالحين، لذلك تعد مدينة سياحية بامتياز فهي تتوفر على كل ما يجذب الزوار والسائحين وتنظم الكثير من الفعاليات الدينية والاقتصادية والثقافية، وفي هذا المقال سيتم الحديث عن نافورة عين الفوارة احد المعالم السياحية الاثرية المتميزة في المدينة.




نافورة عين الفوارة
ان النوافير كانت ولا تزال من المعالم الاساسية والمظاهر الحضارية الجميلة التي تزين المدن، حتى انها تحظى بعناية خاصة وتحاط بالرخام والزخارف ليبدو منظر الماء وهو يتدفق عبر قنواتها كالشلالات ساحرا وجميلا، اما نافورة عين الفوارة، فهي تحفة فنية منحوتة من الحجر والمرمر تتربع على نبع ماء صاف، تتوسط ساحة الاستقلال في مركز مدينة سطيف قبالة المسجد العتيق، تشكل النافورة جزءا هاما من ارث السكان التاريخي والحضاري، وهي من اهم معالم المدينة، يجتمع الناس حولها ويتباركون بمائها وتقام في جنباتها الحفلات والسهرات والاعراس حتى كتب فيها الكثير من الشعراء العرب عديد القصائد والروايات، فصارت اكبر مستقطب للسياح الاجانب والزوار المحليين واقترن اسمها باسم المدينة ويجزم سكان مدينة سطيف ان من شرب من ماء الفوارة سيتعلق بالمدينة وسيعود حتما الى زيارتها .






تاريخ نافورة عين الفوارة
ان نافورة عين الفوارة تمثال حجريٌ رائع قام بنحته الفنان الفرنسي فرانسيس دو سانت فيدال، شاهدها الحاكم العسكري لمدينة سطيف في متحف الفنون الجميلة في مدينة باريس فاعجب بها ثم نقلها الى سطيف سنة 1898 وبقيت الى الآن شاهدة على تاريخ المدينة الحديث المليء بالتضحيات والنضال والاحداث.


تعرض تمثال المراة العارية للكثير من محاولات التخريب والهدم من قبل اصوليين متشددين، فقد اقدمت مجموعة منهم على محاولة تفجير التمثال في العام 1997 خلال ما يسمى بالعشرية السوداء، لكن سرعان ما تم ترميمه من قبل السلطات المحلية في زمن قياسي، توالت لاحقا محاولات تخريب وتشويه تمثال النافورة الواقع على النبع وكان اخرها في العام 2017 حينما اقدم احد المتطرفين على ضرب وجه التمثال مستخدما مطرقة لكن التمثال لا يزال واقفا صامدا مطلًا على المدينة ملقيا السلام على اهلها.


يتناقل الجزائريون روايات عديدة ومختلفة تحكي قصة قدوم التمثال لعاصمة الهضاب العليا قبل اكثر من مئة عام، منها قيام الحاكم الفرنسي بنصب هذا التمثال فوق النبع العذب لانزعاجه من منظر السكان وهم يستخدمون ماء النبع للوضوء والصلاة، وفي رواية اخرى يقال ان التمثال لامراة كان يحبها الحاكم العسكري الفرنسي وتزوجت من غيره فطلب وضعها على النبع تخليدا لذكراها





تصميم نافورة عين الفوارة
قام الفنان الفرنسي فرانسيس دو سانت فيدال بنحت نافورة عين الفوارة على شكل امراة عارية ممشوقة القوام ترتكز على صخرة تعلو الارض بنحو مترين، فتبدو المراة وكانها تعاين المارة وتنظر حولها مبدية سعادتها وهي تقدم الماء الذي ينهمر منها من اربع جهات فيكون باردا منعشا في الصيف ودافئا في الشتاء، ويتميز التمثال بتناسقه واندماجه مع نبع الماء ومحيطه فيبدو وكانه قطعة من طبيعة المكان وجغرافيته وجزء مهم من ذاكرة السكان المحليين ووجدانهم




اهمية نافورة عين الفوارة
يمكن القول ان نافورة عين الفوارة مبعث فخر واعتزاز كبيرين لدى السكان في مدينة سطيف، هذا التمثال الذي يتوسط ساحة الاستقلال الكبيرة ويطل على المسجد العتيق اصبح يمثل مركزا وقطبا سياحيا هاما يجذب آلاف السياح المحليين والاجانب، وجعل من المنطقة مكانا يشهد حركة واكتظاظا وتبادلا تجاريا كبيرا، وبالاضافة الى اهمية ومكانة النافورة التاريخية والسياحية تملك جانبا روحيا ومعنويا واثرا كبيرا في قلوب سكان المدينة، فهي شاهد على بطولات ابنائهم اثناء الثورة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي وتعد رمزا من رموز المدينة، حتى اصبحوا يتباركون بمائها ويشربون منه في المناسبات والاحتفالات العامة الرسمية والخاصة
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق