معلومات عن نوع غريب من المخدرات



 المخدرات الرقمية عبارة لم يألفها السمع، يمكن ان تنقل متلقيها الى اللاوعي وتهدده بفقدان التوازن الجسدي والنفسي. ولا نص قانونياً يمكنه ان يقف في طريقها. القاضي محمد صعب لفتته هذه الظاهرة الالكترونية فتعمق بها باحثا ودارسا.


يوجز صعب، المستشار القانوني لوزير العدل أشرف ريفي، المخدرات الرقمية بأنها “ملفات صوتية بشكل “ام بي 3″ يتم تحميلها على الانترنت عبر مواقع الكترونية. وبحسب مروجي هذا النوع من الملفات، تنزل بمتعاطيها الضرر نفسه الذي تحدثه المخدرات التقليدية. وكل ملف من هذه الملفات يطلق عليه اسم مشابه لاسم نوع معين من المخدرات”.


ويوضح ان تقنية المخدرات الرقمية “مبنية على تقنية قديمة “النقر بالاذنين”binaural beats اكتشفها العالم الالماني هنري دوف عام 1839. وظهرت الى العلن عام 1970 عندما استخدمت في بعض حالات العلاج النفساني كالارق والتوتر، باعتبار ان هذه التقنية تقوم على فكرة وضع headset على الاذنين، فتبث فيهما موجات صوتية غير سمعية وغير موسيقية، والصوت المنبعث من هذه الترددات مزعج قليلا ومصحوب احيانا بنغمات لتجميله وبترددات frequency مختلفة في كل اذن، مما يؤدي الى حث الدماغ على توليد موجات بطيئة كموجات(ألفا) المرتبطة بحالة الاسترخاء، وسريعة كموجات (بيتا) المرتبطة بحالات اليقظة والتركيز”، فيشعر المتلقي بحالة من اللاوعي مصحوبة بهلوسات وفقدان التوازن الجسدي والنفسي والعقلي”.


ويؤكد ان”هذه التقنية تؤثر على ردة فعل الدماغ بخلق حالة من الاسترخاء او القوة عند الانسان. وبقي استخدامها محصورا بهذا الحجم حتى عام 2006 مع بروز ظاهرة المخدرات الرقمية التي استعملت لاهداف مختلفة وبترددات متناقضة تحدث نوعا من التشويش على الدماغ والتصادم بين امرين مختلفين يصدرهما الدماغ في الوقت نفسه، مما ينتج حالة ما قبل الوعي عند الانسان. وهذه الحالة هي ليست لاوعياً مطلقاً او وعياً مطلقاً. والبعض يسميها لحظة الشرود. وهي خطرة جدا لان دماغه يكون في حالة ضعف شديد يستتبع امكان تعرضه لأي خطر، علماً أن التكرار يمكن ان يؤثر في كهرباء الدماغ فتصبح غير مستقرة”.


ويضيف صعب ان “مروجي المخدرات الرقمية وضعوا ترددات سرية لا يطلعون الغير عليها. وحددوا طريقة استعمالها بوضع headset من نوعية جيدة على الاذنين لايصال المستوى المطلوب اليهما واغماض العينين وارتداء ملابس فضفاضة والجلوس في مكان مغلق مع اضاءة خافتة، واطفاء جميع الاجهزة الموجودة في الغرفة منعاً لتأثيرها في ما يبثونه من استمتاع للمتلقي، بحسبهم. والاخطر في هذا التعاطي وضوح المروجين في تسمية سلعتهم، وان انتاجهم غير مضر بالصحة. وهويتهم مواقع الكترونية واهمها الـ i-doser. وقد وصلت هذه الآفة الى يوتيوب حيث يعرض بعض المتعاطين فيديو يظهر حالتهم الجسدية أثناء الإستماع الى ملفات المخدرات الرقمية. ووفروا تجربتها بالمجان للتشجيع على تعاطيها، لينتقل المتلقي بعد رؤيتها الى شراء ما يناسب حاجته منها من الموقع بأسعار زهيدة تبدأ بعشرة دولارات وتصل الى 35 دولارا. والاخطر من ذلك المشاهد المخيفة المعروضة على يوتيوب، وتظهر مجموعة من المراهقين في حالات راعبة يعيشونها اثناء تعاطي المخدرات الرقمية من تشنج وتوتر، الى صراع مع مجهول”.


ويبين ان تنامي “خطر المخدرات الرقمية تنبه له الغرب اولا عام 2010 وخصوصا في اميركا. واخيرا حصل تحرك في الامارات تكلل بوضع احد الضباط في شرطة ابو ظبي دراسة ألقت الضوء على خطورة هذه المسألة، فيما أكد اختصاصيون في السعودية ان المخدرات الرقمية تؤدي الى اضرار دماغية”.


في لبنان لم تحصل أي اشارة الى هذا الموضوع لا في وسائل الاعلام ولا على مستوى المجتمع المدني باستثناء اثارته مرة واحدة من جمعية “جاد” للبدء بحملة توعية، وحصل تواصل لهذا الهدف والعمل على وضع تشريع للحد من هذه الظاهرة. وعملياً، لا معلومات لدينا ان كانت هذه الظاهرة موجودة فعلا في لبنان. ولكن منطقياً، من المؤكد انها موجودة لانها متوافرة على الانترنت. ويتم في الدول العربية تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ونحن جزء من هذه المنطقة. ومن المؤكد وجودها عندنا، ولكن لم نلق الضوء عليها ولم نكتشفها بعد”.

ويكشف انه سيطرح قريبا على وزير العدل “فكرة انشاء لجنة لدرس الموضوع كعنوان ضمن اطار عنوان كبير هو المخدرات، “باعتباري تعمقت في دراسة هذه الظاهرة وستتضمنها الطبعة الجديدة من كتابي “جرائم المخدرات”، وهي قيد التحضير. وفي النص القانوني المخدرات الرقمية هي خارج تصنيف المخدرات التقليدية ولا يمكن ادخالها الى هذا القانون الا بنص واضح انطلاقا من مبدأ قانوني عالمي هو لا جريمة ولا عقاب من دون نص. ووسيلة قمعها الوحيدة حاليا، ونحن قادرون على تطبيقها في لبنان، هي حظر المواقع الالكترونية التي تبثها. وسبق ان نفذنا هذا الحظر اخيرا في موضوع بعض المواقع الإباحية التي تشجع التعدي جنسيا على القاصرين”.

النهار

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق