ما هي قصة سيدنا ابراهيم عليه السلام

قَصَّ الله -سبحانه وتعالى- على سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- بعض قصص الانبياء السابقين؛ لحكم كثيرة منها: تثبيت فؤاده -صلى الله عليه وسلم- في مواجهة اعداء الدعوة الاسلامية ووعظ المؤمنين وغيرهم ومن تلك القصص قصة سيدنا ابراهيم -عليه السلام- ابو الانبياء واحد الخمسة اولي العزم الوارد ذكرهم في قوله تعالى: "وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوح وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِيثَاقا غَلِيظا" [١] وفيما ياتي تعريفٌ موجز بقصة سيدنا ابراهيم -عليه السلام- وذكر بعض ما يستفاد منها من عبر وعظات





قصة سيدنا ابراهيم عليه السلام
وُلدَ ونشا سيدنا ابراهيم -عليه السلام- في ارض بابل في العراق وكان قومه يعبدون الاصنام والكواكب وكان ابوه آزر يصنع الاصنام ويبيعها لقومه ويعبدها معهم ورغم ذلك لم يعبد ابراهيم -عليه السلام- شيئا منذ ذلك فقد عصمه الله -سبحانه وتعالى- وآتاه منذ صغره عقلا رشيدا اعانه على ادراك فساد معتقداتهم قال تعالى: "وَلَقَد آتَينا إِبراهيمَ رُشدَهُ مِن قَبلُ وَكُنا بِهِ عالِمينَ"


وعندما بعثه الله -سبحانه وتعالى- رسولا الى الناس بدا بدعوة ابيه بالطف عبارة داعيا اياه الى تحكيم العقل مبينا له بُطلان ما هو عليه من عبادة الاصنام ؛ فهي مجرد تماثيل لا تسمع ولا تبصر ولا تجلب نفعا و لا تدفع ضرا قال تعالى : "وَاذكُر فِي الكِتابِ إِبراهيمَ إِنَّهُ كانَ صِديقا نَبِيّا إِذ قالَ لِأَبيهِ يا أَبَتِ لِمَ تَعبُدُ ما لا يَسمَعُ وَلا يُبصِرُ وَلا يُغني عَنكَ شَيئا يا أَبَتِ إِني قَد جاءَني مِنَ العِلمِ ما لَم يَاتِكَ فَاتَّبِعني أَهدِكَ صِراطا سَوِيّا يا أَبَتِ لا تَعبُدِ الشَّيطانَ إِنَّ الشَّيطانَ كانَ لِلرَّحمـنِ عَصِيّا يا أَبَتِ إِني أَخافُ أَن يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحمـنِ فَتَكونَ لِلشَّيطانِ وَلِيّا"


 [٤] الا ان اباه قد قابل دعوته بالرفض والتهديد والوعيد قال تعالى: " قالَ أَراغِبٌ أَنتَ عَن آلِهَتي يا إِبراهيمُ لَئِن لَم تَنتَهِ لَأَرجُمَنَّكَ وَاهجُرني مَلِيّا"

وكذلك فعل قومه رغم دعوته لهم مرارا وتكرارا فاراد ابراهيم -عليه السلام- ان يثبت لهم بالبرهان العملي بطلان معتقداتهم فقام بتكسير الاصنام الا الصنم الكبير اذ علق الفاس عليه لعلهم يسالونه عن الذي حطم اصنامهم قال تعالى: "فَجَعَلَهُم جُذاذا إِلا كَبيرا لَهُم لَعَلَّهُم إِلَيهِ يَرجِعونَ " وقال تعالى: "فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ  مَا لَكُمْ لَا تَنطِقُونَ فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبا بِالْيَمِينِ"



 ولما رجعوا من عيدهم الذي يخرجون فيه للسياحة والنزهة ووجدوا اصنامهم محطمة غضبوا غضبا شديدا واتهموا ابراهيم -عليه السلام- بتحطيمها ولما سالوه اجابهم بقوله: "بَل فَعَلَهُ كَبيرُهُم هـذا فَاسأَلوهُم إِن كانوا يَنطِقونَ"  ومُراد ابراهيم -عليه السلام- من ذلك ان يُبين لهم عجز اصنامهم؛ فهي لاتنطق ولا تستطيع حتى ان تدافع عن نفسها وقد اقر القوم بعجزها؛ حيث قالوا: "لَقَد عَلِمتَ ما هـؤُلاءِ يَنطِقونَ "


؛ [١٠] فرد عليهم ابراهيم -عليه السلام- بقوله: "أَفَتَعبُدونَ مِن دونِ اللَّـهِ ما لا يَنفَعُكُم شَيئا وَلا يَضُرُّكُم أُف لَكُم وَلِما تَعبُدونَ مِن دونِ اللَّـهِ أَفَلا تَعقِلونَ"


 [١١] وبدلا من انْ يستجيبوا للحق استكبروا وكابروا وتواصوا فيما بينهم بحرق ابراهيم -عليه السلام- نُصْرَة لاصنامهم قال تعالى: "قالوا حَرِقوهُ وَانصُروا آلِهَتَكُم إِن كُنتُم فاعِلينَ"وقد اجمعوا على ذلك


 فجمعوا حطبا كثيرا واشعلوه نارا ثم القوا ابراهيم -عليه السلام- في تلك النار ولكن الله انجاه منها قال تعالى: "قُلنا يا نارُ كوني بَردا وَسَلاما عَلى إِبراهيمَ  وَأَرادوا بِهِ كَيدا فَجَعَلناهُمُ الأَخسَرينَ"


ورغم رؤيتهم لتلك المعجزة التي حدثت امام اعينهم الا انهم استمروا في كفرهم وطغيانهم فلما لم يجد ابراهيم -عليه السلام- منهم قبولا لدعوته هاجر ومعه زوجته سارة وابن اخيه لوط -عليه السلام- من بابل في العراق الى الشام ومنها الى مصر ثم عاد الى الشام واقام مع زوجته سارة في فلسطين ثم تزوج من هاجر وانجب منها اسماعيل -عليه السلام- ورحل بهما الى مكة وهناك تركهما -بامر الله سبحانه وتعالى- بواد غير ذي زرع وقد تكفل الله بحفظهما وبعد مُدة راى ابراهيم في المنام انه يذبح ابنه اسماعيل -عليه السلام- قال تعالى: "فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّـهُ مِنَ الصَّابِرِينَ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّ هَـذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْح عَظِيم"


وقد بشره الله -سبحانه وتعالى- بعد تلك الحادثة باسحاق -عليه السلام-؛ تكريما له ولزوجته سارة ثم امره ببناء ورفع قواعد بيت الله الحرام في مكة المكرمة فكان ابراهيم يبني وولده اسماعيل يناوله الحجارة




مضامين قصة سيدنا ابراهيم عليه السلام
مما تضمنته قصة سيدنا ابراهيم -عليه السلام- حرصه على نفع قومه بتوعيتهم ودعوتهم الى الحق والخير والصواب مستخدما اسلوب الاقناع بالحجج والبراهين الدامغة ونبذه التقليد الاعمى وصبره وثباته عند الشدائد وثقته بالله سبحانه وتعالى وصدق طاعته له وتوكله عليه ومما تضمنته ايضا قصة سيدنا ابراهيم -عليه السلام- حرصه على بر والديه من خلال استعماله لارق الالفاظ في مخاطبة والده وحواره معه بكل ادب وتودد وتلطف وحرصه الشديد على ما ينفعه وعلى ارادة الخير له




مواضع ذكر قصة سيدنا ابراهيم في القرآن
ذُكِرَتْ قصة سيدنا ابراهيم -عليه السلام- في سور: البقرة والانعام وهود وابراهيم والحجر ومريم والانبياء والشعراء والعنكبوت والصافات والذاريات [١٧] ومن المواضع التي ذُكِرت فيها قصة سيدنا ابراهيم -عليه السلام- قوله تعالى في سورة الانعام : "وَإِذ قالَ إِبراهيمُ لِأَبيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصناما آلِهَة إِني أَراكَ وَقَومَكَ في ضَلال مُبين وَكَذلِكَ نُري إِبراهيمَ مَلَكوتَ السَّماواتِ وَالأَرضِ وَلِيَكونَ مِنَ الموقِنينَ فَلَما جَنَّ عَلَيهِ اللَّيلُ رَاى كَوكَبا قالَ هـذا رَبي فَلَما أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الآفِلينَ فَلَما رَأَى القَمَرَ بازِغا قالَ هـذا رَبي فَلَما أَفَلَ قالَ لَئِن لَم يَهدِني رَبي لَأَكونَنَّ مِنَ القَومِ الضالينَ



فَلَما رَأَى الشَّمسَ بازِغَة قالَ هـذا رَبي هـذا أَكبَرُ فَلَما أَفَلَت قالَ يا قَومِ إِني بَريءٌ مِما تُشرِكونَ إِني وَجَّهتُ وَجهِيَ لِلَّذي فَطَرَ السَّماواتِ وَالأَرضَ حَنيفا وَما أَنا مِنَ المُشرِكينَ وَحاجَّهُ قَومُهُ قالَ أَتُحاجوني فِي اللَّـهِ وَقَد هَدانِ وَلا أَخافُ ما تُشرِكونَ بِهِ إِلا أَن يَشاءَ رَبي شَيئا وَسِعَ رَبي كُلَّ شَيء عِلما أَفَلا تَتَذَكَّرونَ وَكَيفَ أَخافُ ما أَشرَكتُم وَلا تَخافونَ أَنَّكُم أَشرَكتُم بِاللَّـهِ ما لَم يُنَزِل بِهِ عَلَيكُم سُلطانا فَأَيُّ الفَريقَينِ أَحَقُّ بِالأَمنِ إِن كُنتُم تَعلَمونَ الَّذينَ آمَنوا وَلَم يَلبِسوا ايمانَهُم بِظُلم أُولـئِكَ لَهُمُ الأَمنُ وَهُم مُهتَدونَ



وَتِلكَ حُجَّتُنا آتَيناها إِبراهيمَ عَلى قَومِهِ نَرفَعُ دَرَجات مَن نَشاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكيمٌ عَليمٌ وَوَهَبنا لَهُ إِسحاقَ وَيَعقوبَ كُلّا هَدَينا وَنوحا هَدَينا مِن قَبلُ وَمِن ذُرِيَّتِهِ داوودَ وَسُلَيمانَ وَأَيوبَ وَيوسُفَ وَموسى وَهارونَ وَكَذلِكَ نَجزِي المُحسِنينَ"
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق